أطباء الأورام فقط هم الذين يتحملون أهل المريض ؟؟

.
هذا الموضوع له علاقة بقسم : ثقافة لذيذة



أطباء الأورام فقط هم الذين يتحملون أهل المريض ؟؟


الأطباء الشبان يكرهون أهل المريض الميئوس من شفائه ... لا تسألنى لماذا ؟؟ هذا هو ما لاحظته طوال سنين - مرحلة المستشفيات - فى حياتى .

بمجرد أن يعرف الطبيب أن هذه الحالة تحتضر يبدأ فى التهرب من مواجهة أهله وإذا ألحوا فى لقائه وسؤاله ، يبدأ فى مهاجمتهم قبل أن يهاجموه ، ويتعامل معهم كأنهم أخطأوا فى حقه ، وإذا تجرأ أحدهم وأظهر حزنه لأن المريض المحتضر ابنه أو والده لابد وأن يعاقبه ... إلا شباب الأطباء فى معهد الأورام فهم يتعاطفون مع أهالى المرضى ويتحملون أحزانهم .



ربما لأن العدد الأكبر من مرضاهم يحتضر، والأقل هو الذى ينجو ، ربما لأن طبيب الأورام يرى نفس السيناريو فى وجوه كل مرضاه وكل أهاليهم ، ربما يتعاطف معهم لأنه لا بديل أمامه .




سألت الطبيب الشاب عن زينب عندما لم أجدها جالسة على درجات السلم فى مكانها المعتاد ، فأجابنى : إنها ذهبت لتحضر أولادها من البلد ليلقوا سلام الوداع على والدهم ، فانزعجت وسألته إن كان هو من طلب منها وأبلغها !!
إن كان يتنبأ أو يتوقع وفاته خلال ساعات فنفى ذلك وقال : هى وحدها التى حددت موعد الوفاة ، وأضاف : الأعمار بــيــد الله .


عادت زينب صباح اليوم التالى مصطحبة أولادها الأربعة ... دخلوا لزيارة والدهم ... وفى المساء ذهبت أنا لزيارته ... فوجدتها جالسة فى مكانها على السلم وحيدة قالت : " خلاص سلم على أولاده ، رجعتهم البلد مع عمهم ، مافيش مكان هنا لهم " .

سألتها عن سبب هذا القرار المفاجئ ، فأجابت : هو حاسس إنه خلاص وأنا صدقته ، لم أفهم أبدا كيف شعرأنه « خلاص » ، كيف أبلغها وهو لا يفعل أكثر من تحريك جفونه وأصابعه !! ، لكن فى صباح اليوم التالى عادت بجثمانه إلى البلد لدفنه فى مقابر الأسرة .
قال لى الطبيب تعليقاً على الخبر " انا شفت من ده كتير" .




بعد شهور ذهبت إلى زينب فى قريتها البعيدة وزرتها فى بيتها ، كانت مختلفة تماماً ، استعادت صحتها وجمالها ونظافتها التى كانت فقدتها على سلم معهد الأورام ، أشارت إلى صورته المعلقة فى كل حجرات المنزل وقالت : " محمد هنا ... ما فارقش ولاده لحظة " .....

د . نجلاء بدير

mamin tech

I am Amin, a 37-year-old Algerian writer and blogger. Through this blog, I share my experiences and thoughts on a variety of topics. My main interests include topics such as literature, culture, travel, technology, and personal development. I have always been passionate about writing and expressing my thoughts, and this blog reflects that passion. I believe in the importance of sharing ideas and knowledge with the Arab and global community, and I always strive to provide valuable and useful content to my readers. As an Algerian writer, I seek to highlight the beauty and diversity of our culture and rich history. I always look forward to interacting with my dear readers, so do not hesitate to share your comments and opinions on blog topics. Thank you for your continued support and participation in my writing and cognitive journey.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال