تأمل الأمور بعمق لكى تعرف الصواب من الخطأ



.
هذا الموضوع له علاقة بقسم : جـدد حـيـاتـك




تأمل الأمور بعمق لكى تعرف الصواب من الخطأ


كان الحصان بوسفيل مشهوراً بالعصبية ، وعدم قدرة أحد على ترويضه ، فى زمن الإسكندر الأكبر ، حتى وصلت سمعته للإسكندر نفسه ، فذهب لرؤية أحد رجاله وهو يحاول ركوبه ، فانتبه الإسكندر إلى أن الحصان يكون فى بادئ الأمر هادئاً ويسمح للراكب بامتطائه ، ثم ما إن يتحرك ، حتى يهتاج ويبدأ فى القفز بشكل لم يره من قبل ، فيسقط الراكب ، وهو يسبه ويلعنه ويركله ، فأخذ الأسكندر يمعن التفكير ، حتى توصل للسر ، فالحصان يخاف من ظله ، وعندما يخاف : يبدأ فى القفز ، فيقفز ظله معه ، فيزداد خوفاً وفزعاً وهكذا قام الإسكندر برفع رأس الحصان باللجام كي لا يرى الأرض ولا يلمح ظله ، فهدأ تماماً ، وصار حصانه المفضل .





هكذا أسوأ ما يمكن أن ترتكبه فى حق نفسك : أن تحكم على الأمور من ظاهرها ، كما أن التعجل كثيراً ما يعميك عن بعض الأمور الواضحة ، فتحكم جزافاً ، وهذه كارثة ليس فى حق من أمامك فقط ، لأنك بذلك تظلمه وتبخسه حقه ، لكن فى حق نفسك أيضاً ، لأن ذلك يحرمك أنت الآخر من رؤية الحقيقة ، فتبدو لك الأمور بصورة مشوشة ، وبما أن الصورة تكون غير واضحة ، فإن قراراتك التى ستتخذها ستكون فى منتهي البلبلة ، لأنها لم تبني على أى أساس من الصحة ، وإنما على التعجل والعصبية ، والعكس صحيح ، قد يكون هناك شخص أو شىء ما ، تبدو أمامك صفاته الخارجية فى منتهى الجمال والبهاء ، فتتسرع بالحكم عليه من خلال هذه الصورة النورانية ، دون أن تتوقف ولو للحظة كما فعل الإسكندر لتتأمل ما أمامك بعمق ، فتعرف الصواب من الخطأ .





فعند أى معضلة تواجهنا ، نجد العصبية والتوتر ينجحان فى توجيهنا لإتخاذ أكثر القرارات طيشاً ، لأننا لا نتأمل ، ولا نبحث عن أصل المشكلة ، نفس الأمر يتكرر حال خلافنا مع الآخرين ، ومواجهتنا لشخص كالحصان مثلاً وصفه الناس مسبقاً بأنه حصان شرير ، ولم يتروو قليلاً ليدركوا أنه حصان خائف فحسب ، فالأحكام المطلقة أسوأ أنواع الأحكام التى قد يطلقها المرء على الأمور والأشخاص والمواقف ، وقد تكون سبباً فى خسارته للكثير : لأنه لم يصل للأبعاد واكتفي بالبعد الذى يراه أمامه ، لم يلتفت يميناً ويساراً بحثاً عن مزيد من الرؤية والفهم ، اللذين نحن فى حاجة إليهما ، لأننا بشر ، وليس من سلطتنا إصدار الأحكام المطلقة بكل هذا اليقين ...




التسرع سهل جداً ، وإصدار القرارات دون إلمام بالأمر ، لا يوجد أهون منه ، أما الأصعب ، فهو التأنى وإعمال العقل ولو للحظات قليلة ، قد لا تكلفك شيئاً ، لكنها توفر عليك خوض معارك وهمية ، قد لا يكون لها أى مبرر سوى فهمك الخاطيء للأمور وقد تخسر مادياً ومعنوياً إذا لم تبحث عن السبب الفعلى وراء القشرة التى تبرز لك من الأشخاص والأحداث ، كما فعل رجال الإسكندر ، فى عجزهم عن كشف السبب ، لأن أحداً لم يكن يريد أن يراه من الأساس ، واكتفوا بأول نتيجة ظهرت لهم ، مضافاً إليها رأى الآخرين ، ثم أصدروا حكما مماثلاً : أن الحصان لا يصلح للركوب ، فقط شخص واحد أمهل عقله فرصة للتفكير ، فعرف السبب ، وعالجه فى لحظات بسيطة .. بسيطة نعم .. لكن لحظات مثلها ، هي التي جعلته الإسكندر الأكبر !!؟؟



mamin tech

I am Amin, a 37-year-old Algerian writer and blogger. Through this blog, I share my experiences and thoughts on a variety of topics. My main interests include topics such as literature, culture, travel, technology, and personal development. I have always been passionate about writing and expressing my thoughts, and this blog reflects that passion. I believe in the importance of sharing ideas and knowledge with the Arab and global community, and I always strive to provide valuable and useful content to my readers. As an Algerian writer, I seek to highlight the beauty and diversity of our culture and rich history. I always look forward to interacting with my dear readers, so do not hesitate to share your comments and opinions on blog topics. Thank you for your continued support and participation in my writing and cognitive journey.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال